{فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ} أي: إلى العجل، {نَكِرَهُمْ} أنكرهم، {وَأَوْجَسَ} أضمر، {مِنْهُمْ خِيفَةً} خوفا. قال مقاتل: وقع في قلبه، وأصل الوجوس: الدخول، كان الخوف دخل قلبه. وقال قتادة: وذلك أنهم كانوا إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يأت بخير وإنما جاء بشر. {قَالُوا لا تَخَفْ} يا إبراهيم إنا رسل ربك. يعني:، {إِنَّا} ملائكة الله {أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ}.{وَامْرَأَتُه} سارة بنت هاران بن أحور وهي ابنة عم إبراهيم. {قَائِمَةٌ} من وراء الستر تسمع كلامهم. وقيل: كانت قائمة تخدم الرسل، وإبراهيم جالس معهم. {فَضَحِكَت} قال مجاهد وعكرمة: ضحكت أي: حاضت في الوقت، تقول العرب: ضحكت الأرنب، أي: حاضت. والأكثرون على أنَّ المراد منه الضحك المعروف.واختلفوا في سبب ضحكها، قيل: ضحكت لزوال الخوف عنها وعن إبراهيم حين قالوا: لا تخف. وقال السدي: لما قرّب إبراهيم الطعام إليهم فلم يأكلوا خاف إبراهيم وظنهم لصوصا فقال لهم: ألا تأكلون؟ قالوا: إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن، فقال إبراهيم: فإن له ثمنا، قالوا وما ثمنه؟ قال تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره، فنظر جبريل إلى ميكائيل وقال: حُقَّ لهذا أن يتخذه ربه خليلا. فلما رأى إبراهيم وسارة أيديهم لا تصل إليه ضحكت سارة، وقالت: يا عجبا لأضيافنا إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم وهم لا يأكلون طعامنا.وقال قتادة: ضحكت من غفلة قوم لوط وقرب العذاب منهم.وقال مقاتل والكلبي: ضحكت من خوف إبراهيم من ثلاثة في بيته وهو فيما بين خدمه وحشمه.وقال: ضحكت سرورا بالبشارة.وقال ابن عباس ووهب: ضحكت تعجبا من أن يكون لها ولد على كبر سنِّها وسنِّ زوجها.وعلى هذا القول تكون الآية على التقديم والتأخير، تقديره: وامرأته قائمة فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، فضحكت، وقالت: يا ويلتا أألد وأنا عجوز؟.قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ} أي: من بعد إسحاق، {يَعْقُوبَ} أراد به والد الولد فبشرت أنها تعيش حتى ترى ولد ولدها قرأ ابن عامر وحمزة وحفص يعقوب بنصب الباء، أي: من وراء إسحاق يعقوب. وقيل: بإضمار فعل، أي: ووهبنا له من وراء يعقوب. وقرأ الباقون بالرفع على حذف حرف الصفة. وقيل: ومن بعد إسحاق يحدث يعقوب، فلما بشرت بالولد ضحكت فصكت وجهها، أي: ضربت وجهها تعجبا.